Greek Orthodox Church of Antioch-Supporters

Greek Orthodox Church of Antioch-Supporters

Σάββατο 3 Νοεμβρίου 2012

Towards Elaborating an Orthodox Position toward What is Happening (II)


نحو بَلْوَرة موقف أرثوذكسيّ
ممّا يجري (2)
     لا زال كلامنا في نطاق السّياسة.
     ثمّة فرق، منه ننطلق في تعاملنا بعضنا مع البعض الآخر، في الكنيسة، بين الشّخص وموقفه. الشّخص نلتزمه، في كلّ حال، بغضّ النّظر عن موقفه. مهما كان موقفه ملتويًا، فهذا لا يجوز أن يؤثّر في التزامنا إيّاه. لا حُسنُ موقفه، في نظرنا، يزيدنا التزامًا له ولا سوء موقفه يخفِّف من قوّة هذا الالتزام. الوصيّة الوحيدة الّتي أُوصينا بها، نحن المؤمنين بالرّبّ يسوع، تُلزمنا: "أحبّوا بعضكم بعضًا كما أنا أحببتكم". ليس هذا حبَّ أهل القبيلة، بعضهم للبعض الآخر، وما نحن بقبيلة؛ هذا حبّنا للعالم أجمع بالمحبّة الّتي أحبّنا الله بها. والعلامة أنّنا نتعاطاها بالفعل، لا فقط بالقول، أنّنا، كأهل بيت الله، مرتبطون، بالرّوح والحقّ، بأقصى ما في وصيّة المحبّة: "أحبّوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. صلّوا لأجل الّذين يسيئون إليكم ويطردونكم".
     الفرق بين أن نساوي الموقف بصاحبه وأن نميِّز الشّخص عن موقفه كبير. في الحالة الأولى نحن أمام ردّ فعل بشريّ. في الحالة الثّانية نحن أمام مبادرة إلهيّة. في الحالة الأولى نحن أمام شخص شيَّأناه. في الحالة الثّانية نحن أمام كائن، مثلنا، له ما لنا، أخرجته محبّة الله الفائقة من العدم إلى الوجود. في الحالة الأولى نُكرم الآخرين لأنّ موقفهم يناسبنا. في الحالة الثّانية نُكرم الآخرين إكرامًا لله. في الحالة الأولى نرتع في أنانيّاتنا. في الحالة الثّانية نقيم في غيريّتنا. في الحالة الأولى نحكم على النّاس من منطلق موقفنا. في الحالة الثّانية نحترم حقّ النّاس في أن يكون لهم موقف غير موقفنا. في الحالة الأولى نجعلنا أمام قناعتنا بإطلاقيّة موقفنا. في الحالة الثّانية نجعلنا أمام القناعة بالنّسبيّة بين النّاس في التّعبير عن موقفهم في الحقّ. في الحالة الأولى نتصرّف، ضمنًا، باعتبارنا معصومين. في الحالة الثّانية، نتصرّف، ضمنًا، باعتبارنا عرضة للخطأ. في الحالة الأولى نتصرّف باعتبارنا مكتفين بأنفسنا. في الحالة الثّانية نتصرّف باعتبارنا نكتمل بالآخرين. في الحالة الأولى نبحث عن العداوة لنُثبت أنفسنا. في الحالة الثّانية نبحث عن الأخوّة لنثبت أنّ الله معنا وفيما بيننا. في الحالة الأولى نكون مستعدّين لأن نذهب إلى حدّ إلغاء الآخرين، بطريقة أو بأخرى، وظنّنا أنّنا بذلك نصنع الحقّ أو نقدّم خدمة لله. وفي الحالة الثّانية نكون مستعدّين لأن نذهب إلى حدّ بذل أنفسنا لأجل الآخرين إحقاقًا للحقّ وتمثّلاً بالرّبّ يسوع المسيح! أخيرًا وليس آخرًا، في الحالة الأولى نحن بإزاء محبّة الذّات. وفي الحالة الثّانية نحن بإزاء محبّة الله من كلّ القلب والنّفس والقدرة.
     اعتماد التّمييز بين الشّخص وموقفه، والتزام الشّخص في كلّ حال، هو أمر صعب، تقول؟ لا بل مستحيل بشريًّا! تقول إنّه أمر نظريّ؟ كلاّ، بل هو أمر روحيّ، من عمل روح الله! نظريّ إذا لم يكن المرء عارفًا أو سالكًا في الرّوحيّات! تقول إنّه أمر غير واقعيّ؟ كلاّ بل هو أمر واقعيّ جدًّا! المهمّ أيّ واقعيّة تقصد! هناك واقعيّة وواقعيّة أخرى. هناك واقعيّة بشريّة بحتة. ربّما هذا ما تعنيه. في إطار هذه الواقعيّة، ما أقوله، طبعًا، غيرُ واقعيّ! وهناك واقعيّة إلهيّة بشريّة تُردّ إلى الواقعيّة الّتي أدخلها ابن الله إلى حياتنا بتجسّده! في إطار هذه الواقعيّة الجديدة ما أقوله لا فقط واقعيّ بل بديهيّ أيضًا!
     إذًا، التّمييز بين الحاكم ونظامه، أو بين أيّ فريق وما يتّخذه من مواقف سياسيّة، لا فقط تفرضه طبيعة الحياة الجديدة، الماثلة في الوجدان المؤمن، في كنيسة المسيح، بل لا يمكن أن ينبثق إلاّ من محبّة حقيقيّة أصيلة في المسيح. هذا لا يأتي من تصنّع أو تمثيل أو من تجارة كلام، هذا يأتي من تمثّل لمحبّة الله في القلب. وتمثّلُ محبّة الله يأتي من حفظ الوصيّة. إذا ما سلكنا في الوصيّة، إذ ذاك يسكن الله فينا ونمتلئ محبّةً من محبّته. "إن أحبّني أحدٌ يحفظ كلامي ويحبّه أبي، وإليه نأتي، وعنده نصنع منزلاً" (يوحنّا 14: 23).
     إمّا أن يكون المسيح معنا وفيما بيننا أو لا يكون لنا شيء يجمعنا ويوحِّدنا، كائنًا ما كان. نبقى منقسمين في القلب، متعادين في النّيّة. إمّا محبّة المسيح أو رائحة الموت! لا بديل عن المحبّة الإلهيّة! لا قيمة لما يقوله النّاس فينا. النّاس أحكامُهم بحسب الظّاهر. القيمة هي لما يقوله الله. والله إله القلوب. لذا الخيار هو بين الأصالة في المحبّة والضّلال، مهما كانت مواقفنا منمّقة ومدروسة! ثمّ وحدها الأصالة تفترض الاستقامة الدّاخليّة. متى سلكنا في الاستقامة لا نعود نهتمّ بإرضاء النّاس بل الله. لا نعود نحبّهم كما يريدون، أي بمسايرتهم في ما يرغبون، بل كما يريدنا الله أن نحبّهم. لا نُثْني على شهواتهم خوفًا منهم أو تملّقًا بل نشهد للحقّ الإلهيّ بإزائهم، لخلاصهم ولمجد الله. لا نرائي ابتغاء مكسبٍ خسيس، شخصيّ أو طائفيّ، أو اتّقاء أذى ذوي السّلطان. "ينبغي أن يُطاع الله لا النّاس". لذا نطيع كلمة الله ونشهد لها حتّى لو كان الثّمن شهادة الدّم! لا مكاسب ولا امتيازات لنا ههنا! أهل بيت الله حصّتهم الملكوت ولا شيء إلاّه!
     على أنّه من محبّة الله، ومن محبّة الله وحدها فينا، يخرج أمران لا شهادة حقّ لنا من دونهما: الحكمة الإلهيّة والشجاعة الّتي من فوق. إذا ما كان من الحكمة أن نصمت كالرّبّ يسوع، أمام بيلاطس، فالحكمة هي الّتي توحي لنا بذلك. وإذا ما كان من الحكمة أن نتكلّم كما تكلّم الرّسول بولس أمام فيليكس الأمير وفوستوس الوالي فإنّنا ننطق بكلام الحقّ الإلهيّ ولا نسكت. وإذا ما كان من حكمة الله أن نقول لِمَن يطالعنا، بكلّ شجاعة، ما نراه فيه، فإنّه لا يجوز لنا أن نُمسك حفظًا للأمانة لله. القدّيس باسيليوس الكبير، في القرن 4 م، لم يخش جانب الوالي الآريوسيّ مودستوس لمّا شاء أن يحطّم مقاومته بل قال له صريحًا: الملك لا يؤمن إيمانًا صحيحًا، وأنتم هراطقة! والقدّيس البطريرك تيخن الرّوسيّ، سنة 1922، لم يتردّد، إثر مثوله أمام محكمة سوفياتيّة، عن الإجابة على سؤال رئيس المحكمة: "أتعتبر القوانين السّارية في الدّولة تعسّفيّة؟" بالقول: أجل، إنّي أعتبرها تعسّفيّة!
     ومن الأخبار الجميلة المعبِّرة عن صلابة أبناء الإيمان، حيث ينبغي، خبرٌ ورد في سيرة القدّيس الشّهيد البطريرك خرستوفوروس الأنطاكيّ (+ 967 م). قيل سقط كاهن طبيب في زلّة صغيرة فجعل عليه البطريرك قصاصًا. فتوسّط الكاهن لدى أحد أمراء بني حمدان، وكان الطّبيب عزيزًا عليه. فلمّا طلب الأمير من البطريرك أن يصفح عنه، أجابه: "لا يمكنني أن أفعل ذلك يا سيّدي الأمير". فقال: "أما تهابني؟! ما هو الّذي لا يمكنك أن تفعله إذا ما أمرتك أنا به؟!" فأجابه: "ما يختصّ بديني ومذهبي وناموسي. لأنّنا نحن في طوعكم، وفي أشياء أخرى لا يمكننا أن نخالفكم. أمّا ما حظّره الدّين فنحن به مستعدّون للسّجن وقواطع السّيوف". فقال الأمير: "عرّفني، في كلّ حال، ما هذه الجناية الّتي قد تمسّ دينك". فأجاب البطريرك: "أمّا قبل هذا، أيّها الأمير، فقد كانت الجناية صغيرة وإصلاحها متيسِّرًا. وأمّا الآن فإنّها كبيرة والصّفح عنها لا يُرام، لأنّه ليس جائزًا وأنت مسلم مخالف لنا في مذهبنا أن يستجير بك كاهن في أمر يخصّ الكنيسة دون سواها".
     على هذا نتعاطى العلاقات بالحكّام وبمَن زرعنا الرّبّ الإله في وسطهم بمحبّة حقيقيّة نقيّة لا زيغ فيها. نحبّهم ولا نحابيهم. نصدقهم في الحقّ ولا نصادقهم في هوى النّفس. نصلّي من القلب ليمنّ عليهم الرّبّ الإله بحكمة من لدنه، ويحفظهم ويردّ عنهم حِيَل العدوّ، لسرورهم وخير النّاس ومجد الله. نهابهم في الحقّ ولا نخشاهم في الباطل. نشاركهم الألم والتّضحية لأجل الأمّة، ونشاركهم العزاء. نبكي مع الباكين ونفرح مع الفرحين. لا نشترك في آثامهم بل في معاناتهم، ولو لم تكن خطاياهم خطايانا! نُطعم الجائع، في كلّ حال، ونسقي العطشان، ونبلسم المجروح، ونُلبس العريان ونعود المريض.. ليس هذا منحى إعلاميًّا. هذه سيرة المؤمنين الذّاتيّة. هذه لا تُعلَن بموقف كلاميّ. هذه تبنى بسلوك قويم في تعامل أبناء الإيمان بالرّبّ يسوع وسواهم. الكلّ قريب لنا متى أحببناه. المحبّة تبادر وليست ردّ فعل. هذه نبنيها والآخرين جسورًا كلّ يوم، ولا نتكلّفها! هذه مقوِّمات سياستنا في عمقها! من هذا المعين نستمدد مواقفنا في الحقّ، وإلاّ تَجوَّفنا وبتنا تافهين بين التّافهين! ما قيمة أن نَسلَم في الجسد ونَهلَك في النّفس؟ "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كلّه وخسر نفسه"؟! مَن لا يحبّ ليس حرًّا من نزواته. مَن يسلك في أهوائه عبدٌ لأهوائه. ومَن ليس حرًّا من نزواته لا يمكنه أن يعين في تحرير أحد. الحرّيّة الحقّ حرّيّة داخليّة كيانيّة. الحرّيّة المدنيّة ليست فضيلة ولا قيمة لها في ذاتها! هذه شهادتنا في المسيح، أن نساهم في تحرير العالم بالمحبّة الإلهيّة الفاعلة فينا! ما عدا ذلك لا شهادة لنا نؤدّيها!
الأرشمندريت توما (بيطار)
رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي – دوما

Δεν υπάρχουν σχόλια:

Δημοσίευση σχολίου